مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)

1- معنى القرآن:
أ- المعنى اللغوي: تعدّدت آراء اللغويين والباحثين في علوم القرآن في تحديد معنى القرآن وأصله الاشتقاقي اللغوي إلى أقوال كثيرة ، أبرزها التالي:


الأول: اسم علم جامد غير مشتقّ من شيء، وهو خاصّ بكلام الله تعالى النازل على رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالوحي ضمن آيات وسور يجمعها ويؤلّفها هذا الاسم، مثل: التوراة الخاصّ بالكلام الموحى به إلى رسوله موسى عليه السلام ، والإنجيل الخاصّ بالكلام الموحى به إلى رسوله عيسى عليه السلام.

الثاني: اسم غير مهموز مشتقّ من قَرَنَ. يقال: قرنتُ الشيء بالشيء, إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، وسُمّي به القرآن, لأنّه يضم السُوَر والآيات والحروف بعضها إلى البعض الآخر.
 
الثالث: اسم غير مهموز مشتقّ من القرائن، جمع قرينة, لأنّ آيات القرآن يصدّق بعضها بعضها الآخر, فهي بمثابة قرائن في فهمها وتفسيرها.

الرابع: اسم غير مهموز مشتقّ من القِرن, بمعنى القرين, لأنّه لفظ فصيح قرين بالمعنى البديع.

الخامس: اسم مهموز ومشتقّ من القُرْء, بمعنى الجمع, لأنّه يجمع في طياته ثمرات الكتب السماوية السابقة.

السادس: اسم مهموز مصدر لقرأتُ, بمعنى التلاوة, كالرجحان والغفران، سُمّي به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر, أي المقروء أو ما يُقرأ. واستخدم القرآن بمعنى القراءة، كالكتاب الذي يُطلق على المكتوب, بمعنى الكتابة.

السابع: اسم مهموز ومشتقّ من القرى, بمعنى الضيافة, لأنّ القرآن مأدبة الله للمؤمنين.

وأقوى هذه الأقوال القول السادس, لأنّه الأوفق بقواعد الاشتقاق وموارد اللغة، فضلاً عن كون الأقوال الأخرى لا تخلو من تكلّف في توجيهها أو ليس لها وجه وجيه .

والقِرَاءَةُ في اللغة هي: "ضمّ الحروف والكلمات بعضها إلى بعضها الآخر في الترتيل... لا يُقال: قرأت القوم: إذا جمعتهم، ويدلّ على ذلك أنّه لا يُقال للحرف الواحد إذا تُفُوِّه به قراءة، والْقُرْآنُ في الأصل مصدر، نحو: كفران ورجحان. قال تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾" .

والمعنى لا تعجل به إذ علينا أن نجمع ما نوحيه إليك, بضمّ بعض أجزائه إلى بعض، وقراءته عليك، فلا يفوتنا شيء منه حتى يحتاج إلى أن تسبقنا إلى قراءة ما لم نُوحِه بعد. وقيل: المعنى إنّ علينا أن نجمعه في صدرك, بحيث لا يذهب عليك شيء من معانيه، وأن نثبّت قراءته في لسانك, بحيث تقرأه متى شئت. وهذا لا يخلو من بعد. وقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾, أي: فإذا أتممنا قراءته عليك وحياً, فاتّبع قراءتنا له، واقرأ بعد تمامها .

أضف إلى ذلك أنّ إرادة معنى الجمع من مفردة "القرآن" على ضوء قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾، يؤدّي إلى توسّل التكرار من دون طائل، وهذا لغو يتنافى مع فصاحة القرآن الكريم, فلا محيص عن إرادة خصوص القراءة والتلاوة.

ب- المعنى الاصطلاحي: ذُكِرَت فيه تحديدات مختلفة، وردت عليها إشكالات عدّة، ولعلّ أقلّها محلاًّ للإشكالات ما اشتهر على لسان الأصوليين والفقهاء واللغويين ويوافقهم عليه المتكلّمون: "اللفظ المنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، المنقول عنه بالتواتر، المتعبّد بتلاوته"، فاللفظ جنس في التعريف يشمل المفرد والمركّب، ولا شكّ أنّ الاستدلال على الأحكام يكون بالمركّبات كما يكون بالمفردات، كالعامّ والخاصّ، والمطلق والمقيّد، وخرج بـ "المنزل على النبي": ما لم ينزل أصلاً، مثل: كلامنا، ومثل: الحديث النبوي، وما نزل على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم, كالتوراة والإنجيل، وخرج بـ "المنقول تواتراً" جميع ما سوى القرآن، مثل: القراءات, سواء أكانت مشهورة أم 
أحادية، وخرجت الأحاديث القدسية إذا تواترت, بقيد "المتعبّد بتلاوته" .

 

2- أسماء القرآن:
اختلف الباحثون في علوم القرآن في عدد أسماء القرآن، وتفاوتت تحديداتهم في هذا الصدد، حيث حصر بعضهم أسماء القرآن في اسم "القرآن" فقط، وعدّ الأسماء الأخرى المتداولة مجرّد صفات للقرآن وليست أسماء له، وذهب آخرون إلى أنّ للقرآن 55اسماً ، وآخرون إلى أنّ له 95 اسماً...

ولعلّ السبب في هذا الاختلاف راجع إلى وجود خلل في التمييز بين أسماء القرآن وصفاته، أو إلى تباين الأذواق والمعايير المعتمدة في تحديد الأسماء والصفات . واسم الشيء، هو تعريفه وتشخيصه في الخارج ضمن أبعاد وحدود تحكي ماهيّة المسمّى ويُعرَف بها. وأمّا الصفة فهي تحكي خاصيّة معيّنة من المسمّى وعليه، فأسماء القرآن هي خصوص المعرّفات والمشخّصات التي تحكي عن القرآن في الخارج من أنّه كلام الله تعالى المنزل على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم بالإعجاز. وأمّا صفات القرآن فهي تحكي عن خاصيّة معيّنة يشتمل عليها القرآن من قبيل: الهداية، التبشير، الإنذار....

والمشهور من الأسماء، هو التالي :
أ- القرآن: وردت مفردة "قرآن" 68 مرّة في القرآن الكريم(قرآن: 58 مرّة/ قرآناً: 10 مرّات) . وأُريد بها: تارة مجموعة من الآيات, كما في قوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ...﴾ ، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ . وتارة أخرى مجموع الكتاب (أي ما بين الدفّتين)، كما في قوله تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ . وقد تقدّم معنى القرآن لغة واصطلاحاً.

ب- الفرقان: وردت مفردة "فرقان" 6 مرّات في القرآن الكريم . والفرقان من الفرق والتفرقة، ويُراد بها ما يفرق بين الحقّ والباطل . وروي أنّه سُئِلَ الإمام الصادق عليه السلام عن القرآن والفرقان أهما شيئان أم شيء واحد؟ فقال عليه 
السلام: "القرآن جملة الكتاب، والفرقان الحكم الواجب العمل به" .

ج- الذِكْر: وردت مفردة "ذِكْر" 52 مرّة في القرآن الكريم ، وأريد بها القرآن في بعض المواضع فقط, كما في قوله تعالى: ﴿وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ﴾ ، وقوله تعالى:﴿...وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ . ويُراد بالذِكْر: الشرف .

د- الكتاب: وردت مفردة "كتاب" 230 مرّة في القرآن الكريم , كما في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...﴾ . والكتاب هو: جملة ما هو موجود بين الدفّتين. وقد استعمل في القرآن الكريم وأُريد به: تارة ما أُنزِلَ على الأنبياء والرسل عليهم السلام من كلام الله تعالى المُوحَى إليهم، كما في قوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّة﴾ٍ ، وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ ، وقوله تعالى - على لسان نبيّه عيسى عليه السلام -: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ...﴾ . وتارة استعمل الكتاب بمعنى خصوص المكتوب على نحو المراسلات والمخاطبات, كما في قوله تعالى -في معرض حكايته لقصة النبي سليمان عليه السلام وملكة سبأ: ﴿اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ . وتارة استعمل بمعنى صحيفة أعمال الإنسان, كما في قوله تعالى: ﴿...مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا...﴾ ، وقوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ ...

هـ- التنزيل : وردت مفردة "تنزيل" 11 مرّة في القرآن الكريم , كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ . 

ويُراد من التنزيل: القرآن النازل مفرّقاً مرّة بعد أخرى .

و- المصحف: لم يرد ذِكْر هذه المفردة في القرآن الكريم، ولكن اشتهر تداولها بين المسلمين بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, بوصفها اسماً من أسماء القرآن الكريم.
 
ولعلّ اشتهار تداولها يعود إلى شدّة انشغال المسلمين واهتمامهم بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بكتابة القرآن وتدوينه وجمعه بين دفّتين. و"الصَّحِيفَةُ: المبسوط من الشيء, كصحيفة الوجه، والصَّحِيفَةُ: التي يكتب فيها، وجمعها: صَحَائِفُ وصُحُفٌ. قال تعالى: ﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ ، ﴿يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ ، قيل: أريد بها القرآن، وجعله صحفاً فيها كتب من أجل تضمّنه لزيادة ما في كتب الله المتقدّمة. والْمُصْحَفُ: ما جعل جامعا لِلصُّحُفِ المكتوبة، وجمعه: مَصَاحِفُ" .

وتجدر الإشارة إلى أنّ الأسماء الثلاثة: الكتاب، الذكر، الفرقان، هي أسماء مشتركة بين القرآن والكتب السماوية الأخرى. وأمّا اسم "القرآن" فهو الاسم الوحيد الذي اختصّ به كتاب رسالة الإسلام عن كتب باقي الرسالات السماوية. ويُعدّ من أشهر أسماء القرآن: القرآن، ثمّ الفرقان، ثمّ يأتي بعدهما في الشهرة ترتيباً: الكتاب، والذكر، والتنزيل .

 

3- حقيقة القرآن:
إنّ حقيقة القرآن أسمى من أن تدركها العقول، وأوسع من أن تحيطها قوالب الألفاظ, لأنّ الألفاظ موضوعة بإزاء معانٍ مجعولة ومُدرَكَة من قِبَل البشر، في حين أنّ حقيقة القرآن حقيقة إلهية تنطوي على أعمق المعارف المعنوية. وقد قضى الله تعالى أن يُلبِسَ هذه الحقيقة لباس الألفاظ, ليتسنّى للناس فهم القرآن.

وذكر العلامة الطباطبائي قدس سره في صدد تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾  أنّ:الضمير (مرجعه) للكتاب، و ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾, أي مقرؤاً باللغة العربية، و ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾, غاية الجعل وغرضه. وجَعْل رجاء تعقّله غايةً للجعل المذكور يشهد بأنّ له مرحلة من الكينونة والوجود لا ينالها عقول الناس، ومن شأن العقل أن ينال كلّ أمر فكري وإن بلغ من اللطافة والدقّة ما بلغ. فمفاد الآية: أنّ الكتاب بحسب موطنه الذي له في نفسه أمر وراء الفكر، أجنبي عن العقول البشرية، وإنّما جعله الله قرآناً عربياً وألبسه هذا اللباس, رجاء أن يستأنس به عقول الناس فيعقلوه... وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ تأكيد وتبيين لما تدلّ عليه الآية السابقة من أنّ الكتاب في موطنه الأصلي وراء تعقّل العقول. والضمير للكتاب، والمراد بأمّ الكتاب: اللوح المحفوظ, كما قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ ، وتسميته بأمّ الكتاب لكونه أصل الكتب السماوية, يُستَنسَخ منه غيره، والتقييد بأمّ الكتاب و﴿لَدَيْنَا﴾ للتوضيح لا للاحتراز، والمعنى: أنّه حال كونه في أمّ الكتاب لدينا - حالاً لازمةً - لعلّي حكيم... والمراد بكونه عليّاً على ما يُعطِه مفاد الآية السابقة أنّه رفيع القدر والمنزلة من أن تناله العقول، وبكونه حكيماً أنّه هناك محكم غير مفصّل ولا مجزّأ إلى سور وآيات وجمل وكلمات, كما هو كذلك بعد جعله قرآناً عربياً, كما يستفاد - أيضاً - من قوله تعالى: ﴿...كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ . وهذان النعتان -أعني كونه عليّاً حكيماً - هما الموجبان لكونه وراء العقول البشرية, فإنّ العقل في فكرته لا ينال إلا ما كان من قبيل المفاهيم والألفاظ أولاً، وكان مؤلّفاً من مقدّمات تصديقية يترتّب بعضها على بعضها الآخر, كما في الآيات والجمل القرآنية، وأمّا إذا كان الأمر وراء المفاهيم والألفاظ، وكان غير متجزّء إلى أجزاء وفصول, فلا طريق للعقل إلى نيله. فمحصل معنى الآيتين: أنّ الكتاب عندنا في اللوح المحفوظ ذو مقام رفيع وإحكام لا تناله العقول لذينك الوصفين، وإنّما أنزلناه بجعله مقروأً عربياً رجاء أن يعقله الناس .
 


4- أوصاف القرآن:
ذكر الباحثون والمفسّرون عدّة صفات للقرآن الكريم، وتفاوتت تحديداتهم في هذا الصدد, تبعاً لاختلافهم معاييرهم وأذواقهم في تحديد أسماء القرآن وتمييزها عن صفاته، وأبرز هذه الصفات التي اقترنت بأسماء القرآن المشهورة - التي تقدّم ذكرها - وجاءت وصفاً لها:
أ- الحكيم: أي مستقرّ الحكمة. قال تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ .
ب- العزيز: أي عديم النظير، والمنيع، والممتنع من أن يُغلَب. قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ .
ج- العظيم: أي الكبير والقوي. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ .
د- العربي: أي النازل بلغة العرب. قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ .
هـ- وغيرها صفات أخرى، من قبيل: البشير ، والشافي ، والقيِّم ، والكريم ، والمبارك ، والمبين ، والمتشابه ، والمثاني ، والمجيد ، والنذير ، وذو الذّكر ، وغير ذي عوج ...
 


الأفكار الرئيسة


1- تعدّدت الأقوال في تحديد معنى القرآن وأصله الاشتقاقي اللغوي. وأقواها وأصوبها أنّه: اسم مهموز مصدر لقرأتُ, بمعنى التلاوة، سُمّي به الكتاب المقروء.

2- أبرز أسماء القرآن: القرآن، الفرقان، الذِكْر، الكتاب، التنزيل، المصحف.

3- حقيقة القرآن هي حقيقة إلهية تنطوي على أعمق المعارف المعنوية. وقد قضى الله تعالى أن يُلبِسَ هذه الحقيقة لباس الألفاظ, ليتسنّى للناس فهم القرآن.

4- من أوصاف القرآن الكريم: البشير، الحكيم، الشافي، العربي، العزيز، العظيم، القيّم، الكريم...
  


مطالعة

عظمة القرآن 
إعلم أيها العزيز أنّ عظمة كلّ كلام وكلّ كتاب: إمّا بعظمة متكلّمه وكاتبه، وإمّا بعظمة مطالبه ومقاصده، وإمّا بعظمة نتائجه وثمراته، وإمّا بعظمة الرسول والواسطة، وإمّا بعظمة المرسَل إليه وحامله، وإمّا بعظمة حافظه وحارسه، وإمّا بعظمة شارحه ومبيّنه، وإمّا بعظمة وقت إرساله وكيفية إرساله. وبعض هذه الأمور دخيل في العظمة ذاتاً وجوهراً، وبعضها عرضاً وبالواسطة، وبعضها كاشف عن العظمة. وجميع هذه الأمور التي ذكرناها موجودة في هذه الصحيفة النورانية بالوجه الأعلى والأوفى، بل هي من مختصّاته, بحيث إنّ أيّ كتاب آخر إمّا ألاَّ يشترك معه في شي‏ء منها أصلاً، وإمّا لا يشترك معه في جميع المراتب.

أمّا عظمة متكلمه ومنشئه وصاحبه, فهو العظيم المطلق الذي جميع أنواع العظمة المتصوّرة في الملك والملكوت، وجميع أنواع القدرة النازلة في الغيب والشهادة رشحة من تجلّيات عظمة فعل تلك الذات المقدّسة، ولا يمكن أن يتجلّى الحقّ تعالى بالعظمة لأحدٍ، وإنّما يتجلّى بها من وراء آلآف الحجب والسرادقات.

وأمّا عظمته بواسطة محتوياته ومقاصده, فيستدعي كتاباً مستقلاً حتى يسلك نبذة منها في سلك البيان والتحرير.
وأمّا عظمة رسول الوحي وواسطة الإيصال, فهو جبرائيل الأمين والروح الأعظم الذي يتّصل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بعد خروجه عن الجلباب البشري، وتوجيه شطر قلبه إلى حضرة الجبروت بذاك الروح الأعظم، وهو أحد أركان دار التحقّق الأربعة، بل هو أعظم أركانها وأشرف أنواعها.

 
وأمّا عظمة المرسَل إليه ومتحمّله, فهو القلب التقي النقي الأحمدي الأحدي الجمعي المحمّدي الذي تجلّى له الحقّ تعالى بجميع الشؤون الذاتية والصفاتية والأسمائية والأفعالية, وهو صاحب النبوة الختمية، والولاية المطلقة, وهو أكرم البرية، وأعظم الخليقة وخلاصة الكون، وجوهرة الوجود، وعصارة دار التحقّق، واللبنة الأخيرة، وصاحب البرزخية الكبرى، والخلافة العظمى.

وأمّا حافظه وحارسه فهو ذات الحقّ جلّ جلاله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ .
وأمّا شارحه ومبيّنه, فالذوات المطهّرة المعصومون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجّة العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف, والذين هم مفاتيح الوجود، ومخازن الكبرياء، ومعادن الحكمة والوحي، وأصول المعارف والعوارف، وأصحاب مقام الجمع والتفصيل.

وأمّا وقت الوحي, فليلة القدر, أعظم الليالي، وخير من ألف شهر، وأنور الأزمنة، وهي في الحقيقة وقت وصول الوليّ المطلق والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
 


المصادر والمراجع


1- القرآن الكريم.
2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص273-276.
3- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص141-144.
4- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص15-22.
5- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص328، 476، 668، 799.
6- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج18، ص83-84, ج20، ص109-110.
7- العسكري، معالم المدرستين، ج2، ص13-15.
8- روحاني، المعجم الإحصائي لألفاظ القرآن الكريم، ج2، ص584، 746, ج3، ص1082، 1154، 1211.
9- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج4، ص493-495.
10- الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، ح11، ص630.
 

2020-11-23 | 1312 قراءة