مفردات غريب القرآن الكريم 2

 المفردات:

- كَلاَلَةً

- بَحِيرَةٍ

- سَآئِبَةٍ

- وَصِيَّةٍ

- حَامٍ

- مُّبْلِسُونَ


1- كلالة:

 

- مَوْرِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[1].

- المعنى اللغويّ:

"الكاف واللام أصول ثلاثة صحاح، فالأوّل يدلّ على خلاف الحدّة، والثاني يدلّ على إطافة شيء بشيء، والثالث عضو من الأعضاء... ومن الباب، الكلّ: العيال... والكل: اليتيم، وسُمّي بذلك لإدارته... والعلماء يقولون في الكلالة أقوالاً متقاربة...: الكلالة بنو العمّ الأباعد... من مات وليس له ولد ولا والد فورثته كلالة"[2].

- المعنى التفسيريّ:

اختلف المفسّرون في المراد من هذه المفردة في قوله تعالى: ﴿وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً

أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾, وذلك على أقوال، هي:

• ما عدا الوالد والولد من الأقارب.

• ما عدا الوالد من الأقارب.

• اسم للميّت الذي يورث عنه.

• هم الإخوة والأخوات، وهو المرويّ عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام.

والمذكور في هذه الآية مَن كان مِن قِبَل الأمّ منهم. والمذكور في آخر السورة مَنْ كان منهم من قبل الأب والأمّ، أو من قِبَل الآباء. فالكلالة في النسب: مَنْ أحاط بالميّت، وتكلّله من الأخوة والأخوات. والولد والوالد ليسا بكلالة، لأنّهما أصل النسب الذي ينتهي إلى الميّت، ومن سواهما خارج عنهما، وإنّما يشتمل عليهما بالأنساب من غير جهة الولادة[3].


2- بحيرة - سائبة - وصيلة - حام:

 

- مَورِد المفردات في القرآن:

قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾[4].

- المعنى اللغويّ:

* بحيرة: "البحر في كلام العرب: الشقّ...، ومنه قيل للناقة التي كانوا يشقّون في أُذنها شقّاً: بَحِيرَةٌ. وبَحَرْتُ أُذنَ الناقة بحراً: شققتها"[5]. و "بَحرْتُ البعير: شققت أذنه شقّاً واسعاً، ومنه سُمّيت البَحِيرَة، قال تعالى:

﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ﴾، وذلك ما كانوا يجعلونه بالناقة إذا ولدت عشرة أبطن شقّوا أذنها فيسيبونها، فلا تُركب ولا يُحمل عليها، وسمّوا كلّ متوسّع في شيء بَحْراً"[6].

* سائبة: "السائبة التي تُسيّب فلا ينتفع بظهرها ولا لبنها"[7]، و"السائبةُ: البعيرُ يُدْرِكُ نِتاجَ نِتاجِه، فيُسَيَّبُ، ولا يُرْكَب، ولا يُحْمَلُ عليه"[8].

* وصيلة: "الواو والصاد واللام: أصل واحد يدلّ على ضمّ شيء إلى شيء حتّى يعلّقه... والوصيلة: الأرض الواسعة، كأنّها وصلت فلا تنقطع"[9]. و"قوله: ﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ﴾، قيل إنّ أحدهم كان إذا ولدت له شاته ذكراً وأنثى، قالوا: وَصَلَتْ أخاها، فلا يذبحون أخاها من أجلها، وقيل: الوَصِيلَةُ: العمارة والخصب، والوَصِيلَةُ: الأرضُ الواسعة، ويقال: هذا وَصْلُ هذا، أي صِلَتُه"[10].

* حام: "الحاء والواو والميم كلمة واحدة... وهو الدور بالشيء، يقال: حام الطائر حول الشيء يحوم... والحوم القطيع الضخم من الإبل"[11].

- المعنى التفسيريّ[12]:

استعمل القرآن هذه المفردات في قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾, حيث أخبر الله تعالى أنّ قوماً سألوا مثل سؤالهم، فلمّا أُجِيبوا إلى ما سألوا، كفروا، قال: ﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ﴾, وفي مضمون هذا السؤال أقوال:

- إنّهم قوم عيسى عليه السلام، سألوه إنزال المائدة، ثمّ كفروا بها.

- إنّهم قوم صالح عليه السلام، سألوه الناقة، ثمّ عقروها، وكفروا بها.

- إنّهم قريش، حين سألوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يحوِّل الصفا ذهباً.

- إنّهم كانوا سألوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن مثل هذه الأشياء، يعني: مَنْ أَبي ونحوه، فلمّا أخبرهم بذلك، قالوا: ليس الأمر كذلك، فكفروا به، فيكون على هذا نهياً عن سؤال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن أنساب الجاهليّة، لأنّهم لو سألوا عنها، ربّما ظهر الأمر فيها على خلاف حكمهم، فيحملهم ذلك على تكذيبه.

ثمّ ذكر سبحانه الجواب عمّا سألوه عنه، فقال: ﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ﴾, يريد ماحرّمها على ما حرّمها أهل الجاهليّة من ذلك، ولا أمر بها. واختلف المفسّرون في معنى البحيرة على أقوال، هي:

- إنّ الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن، وكان آخرها ذكراً، بحروا أذنها، وامتنعوا من ركوبها ونحرها، ولا تُطرد عن ماء، ولا تُمنع من مرعى، فإذا لقيها المُعيي لم يركبها.

- إنّهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن، نظروا في البطن الخامس، فإن كان ذكراً نحروه، فأكله الرجال والنساء جميعاً، وإن كانت أنثى، شقّوا أذنها، فتلك البحيرة، ثمّ لا يجزّ لها وبر، ولا يذكر عليها اسم الله، إنْ ذكّيت، ولا يُحمل عليها، وحرم على النساء أن يذقن من لبنها شيئاً، أو أن ينتفعن بها، وكان لبنها ومنافعها للرجال خاصّة دون النساء حتى تموت، فإذا ماتت اشترك الرجال والنساء في أكلها.

- إنّ البحيرة بنت السائبة.

واختلفوا أيضاً في معنى السائبة على أقوال، هي:

- إنّ الرجل إذا نذر القدوم من سفر، أو البرء من علّة، أو ما أشبه ذلك، قال: ناقتي سائبة، فكانت كالبحيرة في أنّه لا يُنتفع بها، ولا تخلّى عن ماء، ولا تمنع من مرعى، عن الزجاج، وهو قول علقمة.

- هي التي تُسيّب للأصنام، أي تعتق لها، وكان الرجل يسيّب من ماله ما يشاء، فيجيء به إلى السَدَنَة، وهم خدمة آلهتهم، فيطعمون من لبنها أبناء السبيل، ونحو ذلك.

- إنّ السائبة هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناث، ليس فيهن ذكر، سُيّبت، فلم يركبوها، ولم يجزّوا وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شُقّت أذنها، ثمّ يخلّى سبيلها مع أمّها، وهي البحيرة.

واختلفوا أيضاً في معنى الوصيلة على أقوال، هي:

- إنّها في الغنم، فكانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم، وإذا ولدت ذكراً جعلوه لآلهتهم، فإنْ ولدت ذكراً وأنثى، قالوا: وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم.

- كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن، فإنْ كان السابع جَدياً ذبحوه لآلهتهم، ولحمه للرجال دون النساء. وإنْ كان عناقاً استحيوها، وكانت من عرض الغنم. وإنْ ولدت في البطن السابع جَدياً وعناقاً، قالوا: إنّ الأخت وصلت أخاها، فحرّمته علينا، فحُرّما جميعاً، فكانت المنفعة واللبن للرجال دون النساء.

- هي الشاة إذا أتأمت عشر إناث في خمسة أبطن، ليس فيها ذكر، جعلت وصيلة، فقالوا: قد وصلت، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث.

واختلفوا أيضاً في المراد من حام على أقوال، هي:

- هو الذكر من الإبل، كانت العرب إذا أنتجت من صلب الفحل عشرة أبطن، قالوا: قد حمى ظهره، فلا يُحمل عليه، ولا يُمنع من ماء، ولا من مرعى.

- هو الفحل إذا لقح ولد ولده، قيل: حمى ظهره، فلا يُركب.


3- مبلسون:

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا

أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾[13].

- المعنى اللغويّ:

"الباء واللام والسين أصل واحد... فالأصل اليأس، يقال: أبلس إذا يئس... ومن ذلك اشتقّ اسم إبليس، كأنّه يئس من رحمة الله. ومن هذا الباب أبلس الرجل سكت"[14]. و"الإِبْلَاس: الحزن المعترض من شدّة البأس... قال عزّ وجلّ: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾ (الروم/ 12)، وقال تعالى: ﴿أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾ (الأنعام/ 44)، وقال تعالى: ﴿وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ (الروم/ 49)"[15].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن هذه المفردة بمعنى اليأس والحزن الناشىء عن شدّة البأس الذي أصاب الكفّار في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾, إذ إنّ الأمم السابقة لمّا نسوا ما ذُكِّروا به من قِبَل الرُسُل عليهم السلام وأعرضوا عنه وتركوا العمل به، آتيناهم من كلّ نعمة من السماء والأرض استدراجاً، حتّى إذا تمّت لهم النعم وفرحوا بما أوتوا منها واشتغلوا بالتلذّذ، وأظهروا السرور بما أُعطوه، ولم يروه نعمة من الله تعالى حتّى يشكروه، أخذناهم فجأة بالعذاب، فانخمدت أنفاسهم وسيطر عليهم الحزن واليأس، فلا حجّة لهم في الخروج منه لاستحقاقهم ذلك[16].

-------------------------------------------------

[1] سورة النساء، الآية 12.

[2] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، ص121-122، وانظر: الفراهيديّ، العين، م.س، ج5، ص279، الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص720.

[3] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص34-35، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج4، ص212.

[4] سورة المائدة، الآية 103.

[5] ابن منظور، محمّد بن مكرم: لسان العرب، لا ط، قمّ المقدّسة، نشر أدب الحوزة، 1405هـ.ق، ج4، ص42.

[6] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص109.

[7] الفراهيديّ، العين، م.س، ج3، ص220.

[8] ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج1، ص478.

[9] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج6، ص116.

[10] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص873.

[11] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج2، ص122.

[12] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص431-433.

[13] سورة الأنعام، الآية 44.

[14] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، ص299.

[15] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص143.

[16] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج4، ص55، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص91.

2022-11-01 | 492 قراءة