-المفردات:
- يُضَاهِؤُونَ
- النَّسِيءُ
- يَرْهَقُ
- قَتَرٌ
- فَزَيَّلْنَا
1- يضاهئون:
- مَورِد المفردة في القرآن:
قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾[1].
- المعنى اللغويّ:
"الضاد والهاء والياء أصل صحيح يدلّ على مشابهة شيء لشيء، يقال: ضاهاه يضاهيه، إذا شاكله، وربّما همز، فقيل: يضاهئ"[2]. و"قال تعالى: ﴿يُضَاهِؤُونَ﴾، أي: يشاكلون، وقيل: أصله الهمز، وقد قرئ به، والضَّهْيَاءُ: المرأةُ التي لا تحيض، وجمعه: ضُهًى"[3].
- المعنى التفسيريّ:
استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى المشاكلة والمشابهة في قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾, حيث حكى الله سبحانه عن اليهود والنصارى أقوالهم الشنيعة، من افترائهم الولد على الله عزّ وجلّ، وتشير الآية إلى أنّ قولهم بالبنوّة فيه مضاهاة ومشاكلة لقول من تقدَّمهم من الأمم الكافرة، وهم الوثنيّون عبدة الأصنام، فإنّ من آلهتهم من هو إله أبو إله، ومن هو إله ابن إله، ومن هي إلهة أمّ إله، أو زوجة إله. وكذا القول بالثالوث ممّا كان دائراً بين الوثنيّين في الهند والصين ومصر القديمة وغيرها... فكان تسرّب العقائد الوثنيّة في دين النصارى ومثلهم اليهود من الحقائق التي كشف عنها القرآن الكريم في هذه الآية[4].
2- النسيء:
- مَورِد المفردة في القرآن:
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[5].
- المعنى اللغويّ:
"نسأ: نُسئت المرأة فهي نسء، إذا تأخّر حيضها. ونسأت الشيء: أخّرته. ونسأته: بعته بتأخير. والاسم: النسيئة"[6]. و"النَّسْءُ: تأخيرٌ في الوقتِ... والنَّسِيئَةُ: بَيْعُ الشيء بالتَّأْخيرِ، ومنها النَّسِيءُ الذي كانت العَرَبُ تفعلُه، وهو تأخير بعض الأشهر الحُرُم إلى شهرٍ آخَرَ. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ (التوبة/ 37)، وقُرئ: ما ننسخ من آية أو نَنْسَأْهَا، أي: نُؤَخِّرْهَا، إمَّا بإنْسَائِهَا، وإمّا بإبْطالِ حُكْمِهَا. والمِنْسَأُ: عصًا يُنْسَأُ به الشيءُ، أي: يُؤَخَّرُ. قال تعالى: ﴿تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ﴾ (سبأ/ 14)"[7].
- المعنى التفسيريّ:
استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى تأخير حرمة بعض الأشهر الحُرُم في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾. فبعد أن قدَّم سبحانه ذِكْر السنة والشهر، عقّبه بذِكْر ما كان يفعله كفّار قريش من النسيء، وهو تأخير الأشهر الحرم عمّا رتّبها الله سبحانه عليه. وكانت العرب تحرِّم الشهور الأربعة، وذلك ممّا تمسّكت به من ملّة إبراهيم وإسماعيل عليه السلام، وهم كانوا أصحاب غارات وحروب، فربّما كان يشقّ عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية، لا يغزون فيها، فكانوا يؤخِّرون تحريم المحرّم إلى صفر، فيحرّمونه ويستحلّون المحرّم، فيمكثون بذلك زماناً، ثمّ يزول التحريم إلى المحرّم، ولا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجّة. فجاء الإسلام ونهى عن ذلك، وأمضى ما كانت عليه الأشهر الحُرُم في الحنيفيّة الإبراهيميّة (رجب/ ذو القعدة/ ذو الحجّة/ محرّم)[8].
3- يرهق - قتر:
- مَورِد المفردتين في القرآن:
قوله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[9].
- المعنى اللغويّ:
• "الراء والهاء والقاف أصلان متقاربان، فأحدهما غشيان الشيء الشيء، والآخر العجلة والتأخير"[10]. و"رَهِقَه الأمر: غشيه بقهر، يقال: رَهِقْتُه وأَرْهَقْتُه، نحو ردفته وأردفته، وبعثته وابتعثته. قال: ﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ (يونس/ 27)، وقال: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ (المدثر/ 17)"[11].
• "القاف والتاء والراء أصل صحيح يدلّ على تجميع وتضييق"[12]. و"القَتْرُ: تقليل النّفقة، وهو بإزاء الإسراف، وكلاهما مذموم، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ (الفرقان/ 67). ورجل قَتُورٌ ومُقْتِرٌ، وقوله: ﴿وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا﴾ (الإسراء/ 100)، تنبيه إلى ما جُبِلَ عليه الإنسان من البخل، كقوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ﴾ (النساء/ 128)، وقد قَتَرْتُ الشيء وأَقْتَرْتُه وقَتَّرْتُه، أي: قلَّلته. ومُقْتِرٌ: فقير، قال: ﴿وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ﴾ (البقرة/ 236)، وأصل ذلك من القُتَارِ والْقَتَرِ، وهو الدخان الساطع من الشِّواء والعود ونحوهما، فكأنّ الْمُقْتِرَ والْمُقَتِّرَ يتناول من الشيء قُتاره. وقوله: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ (عبس/ 41)، نحو: ﴿عِبْرَةٌ﴾، وذلك شبه دخان يغشى الوجه من الكذب"[13].
- المعنى التفسيريّ:
استعمل القرآن الكريم هاتين المفردتين، لإفادة عدم غشيان وجوه المحسنين يوم القيامة أيّ غبرة أو سواد دخان، وذلك في قوله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. فقد بيّن سبحانه أنّ أهل دار السلام الذين أحسنوا العمل، وأطاعوا الله تعالى في الدنيا، يجازيهم الله تعالى المثوبة الحسنى وزيادة من فضله، أو العاقبة الحسنى وزيادة لا تخطر ببالهم، ولا يغشى وجوههم سواد من قتر، ولا ذلّة ولا هوان، وأولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون[14].
4- فزيّلنا:
- مَورِد المفردة في القرآن:
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾[15].
- المعنى اللغويّ:
"الزاء والواو واللام أصل واحد يدلّ على تنحّي الشيء عن مكانه... ويقال: إنّ الزائلة كلّ شيء يتحرّك"[16].
و"الزَّوَال: الذَّهاب والاسْتِحالة والاضْمِحْلال"[17]. و"﴿تَزَيَّلُوا﴾ (الفتح/ 25)، تفرّقوا، قال: ﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾ (يونس/ 28)، وذلك على التكثير، في من قال: زلت متعدّ، نحو: مزته وميّزته"[18].
- المعنى التفسيريّ:
استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى تميّز الناس يوم الحساب، في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾. فبعد أنْ تقدّم ذِكْر الجزاء، بيّن سبحانه وقت الجزاء، والموقف الذي يقف الناس فيه، حيث يُجمعون من كلّ أوب إلى الحساب، ويتميّز الناس صالحهم عن طالحهم، بفعل انكشاف الحجب وزوال الباطل وظهور الحقّ، وتقطّع الأسباب التي كان الظالمون يتوسّلون بها في حياتهم الدنيا، واختلاف حساب الناس وسؤالهم ومنازلهم[19].
---------------------------------------------------
[1] سورة التوبة، الآية 30.
[2] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص374، وانظر: الفراهيديّ، العين، م.س، ج4، ص70.
[3] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص512-513.
[4] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص43، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج9، ص244.
[5] سورة التوبة، الآية 37.
[6] الفراهيديّ، العين، م.س، ج7، ص305، وانظر: ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج1، ص166.
[7] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص804.
[8] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص53-54، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج9، ص271-272.
[9] سورة يونس، الآية 26.
[10] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج2، ص451.
[11] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص367.
[12] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، ص55.
[13] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص655.
[14] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص179، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص42-43.
[15] سورة يونس، الآية 28.
[16] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص38.
[17] ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج11، ص313.
[18] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص388.
[19] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص182، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج10، ص46-47.