مفردات غريب القرآن الكريم 8

- المفردات:


- صَعِيدًا

- جُرُزًا

- شَطَطًا

- عِتِيًّا

- صِلِيًّا

- إِدًّا



1- صعيداً - جُرُزاً:

 

- مَورِد المفردتين في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾[1].

- المعنى اللغويّ:

• "الصاد والعين والدال أصل صحيح يدلّ على ارتفاع ومشقّة... فأمّا الصعيد، فقال قوم: وجه الأرض"[2]. و"الصَّعَدُ والصَّعِيدُ والصَّعُودُ في الأصل واحدٌ، لكنِ الصَّعُودُ والصَّعَدُ يُقال للعَقَبَةِ، ويستعار لكلّ شاقٍّ. قال تعالى: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ (الجن/ 17)، أي: شاقّاً، وقال: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ (المدثر/ 17)، أي: عقبة شاقّة. والصَّعِيدُ يقال لوجه الأرض، قال: ﴿فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (النساء/ 43)، وقال بعضهم: الصَّعِيدُ يقال للغبار الذي يَصْعَدُ، من الصُّعُودِ"[3].

• "الجيم والراء والزاء أصل واحد، وهو القطع. يُقال: جرزت الشيء قطعته. وسيف جرّاز: أي قطّاع. وأرض جرز: لا نبت بها، كأنّه قطع عنها"[4]. "قال عزّ وجل: ﴿صَعِيدًا جُرُزًا﴾، أي: منقطع النبات من أصله"[5].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هاتين المفردتين بمعنى الأرض الخَرِبَة في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾، وقد بيّن الله تعالى أنّه ابتدأ خلق الناس بالنعم، وامتحنهم فيها، وأنّ إليه مصيرهم، فيجعل ما كان عليها من عمران ونبات مستوياً يابساً لا حياة فيه[6].


2- شططاً:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾[7].

- المعنى اللغويّ:

"الشين والطاء أصلان صحيحان، أحدهما: البعد، والآخر يدلّ على الميل. فأمّا البعد، فقولهم: شطّت الدار، إذا بعدت، تشطّ شطوطاً. والشطاط البعد"[8]. و"الشَّطَطُ: الإفراط في البعد... وعبّر بِالشَّطَطِ عن الجور. قال تعالى: ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ (الكهف/ 14)، أي: قولاً بعيداً عن الحقّ"[9].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى الميل عن الحقّ والانحراف عنه انحرافاً بعيداً غايةً في البطلان، في قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن

نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾. وبيّن سبحانه قصّة أصحاب الكهف بياناً حقّاً لا باطل يشوبه، ويجلّ الله تعالى العالم الصادق الغنيّ عن أن يكون في إنبائه مشوبة باطل. وفي نبأ هؤلاء، أنّهم أحداث وشباب آمنوا بربّهم على بصيرة من أمرهم ورغبة في الثبات عليه، بالألطاف المقوّية لدواعيهم إلى الإيمان، فزادهم الله هدى إلى هداهم، وشدّ على قلوبهم بالألطاف والخواطر المقوّية للإيمان، حتّى بذلوا أنفسهم لإظهار الحقّ، والثبات على الدين، والصبر على المشاقّ، ومفارقة الوطن، فقاموا بين يدي ملكهم الجبّار دقيانوس الذي كان يفتن أهل الإيمان عن دينهم، فألقوا حججاً على مسامعه، مقرّين ومذعنين بعبادتهم لربّهم خالق السماوات والأرض، الواحد الأحد الذي لا يعبدون إلهاً سواه، لأنّ الذي يدّعي مع الله إلها آخر، فإنّه يقول قولاً مجاوزاً للحقّ، غاية في البطلان[10].


3- عتيّاً:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾[11].

- المعنى اللغويّ:

"العين والتاء والحرف المعتل أصل صحيح يدلّ على استكبار". و"العُتُوُّ: النبوّ عن الطاعة. يقال: عَتَا يَعْتُو عُتُوّاً وعِتِيّاً.

قال تعالى: ﴿وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ (الفرقان/ 21)، ﴿فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ﴾ (الذاريات/ 44)، ﴿عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا﴾ (الطلاق/ 8)[12] ، ﴿بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ (الملك/ 21)، ﴿مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ (مريم/ 8)، أي: حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها. وقيل: إلى رياضة... وقوله تعالى:

﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾ (مريم/ 69)، قيل: العِتِيُّ ها هنا مصدرٌ، وقيل: هو جمعُ عَاتٍ، وقيل: العَاتِي: الجاسي"[13].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى غاية الهرم والشيخوخة وما يلازمهما من ضعف وضمور قوى الجسد وطاقاته، في قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾. فبعد أن استجاب الله تعالى دعاء النبيّ زكريّا عليه السلام في رزقه بغلام، أوحى إليه عبر الملائكة ببشرى بعثت السرور في وجهه، وهي أنّه سيولد له ابن اسمه يحيى، لم يُسمّ أحد قبله باسمه. وفي هذا تشريف له من وجهين، أحدهما: إنّ الله سبحانه تولّى تسميته، ولم يكلها إلى الأبوين. والآخر: إنّه سمّاه باسم لم يُسبق إليه. وقد سأل النبيّ زكريّا عليه السلام ربّه أن يريه آية ذلك، على جهة الاستخبار عن كيفيّة تحقّق الأمر مع التسليم بتحقّقه، لا على جهة استفهام تعجيب واستعظام واستبعاد، فمراده: أتعيدنا شابّين، أم ترزقنا الولد شيخين؟ أي طلب النبيّ زكريّا عليه السلام من الله تعالى تفهّم خصوصيّات الإفاضة والإنعام، التذاذاً بالنعمة الفائضة بعد النعمة، نظير ما وقع في بشرى النبيّ إبراهيم عليه السلام بالذرّيّة[14].


4- صليّا:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا﴾[15].

- المعنى اللغويّ:

"الصاد واللام والحرف المعتلّ أصلان: أحدهما النار وما أشبهها من الحمّى، والآخر جنس

من العبادة. فأمّا الأوّل، فقولهم: صليت العود بالنار. والصلى صلى النار. واصطليت بالنار. والصلاء ما يُصطلى به وما يذكّى به النار ويوقد... وأمّا الثاني فالصلاة، وهي الدعاء"[16]. و"الأَصلُ في الصلاةِ اللزوم، يقال: قد صَلِيَ واصْطَلَى، إذا لَزِمَ، ومن هذا مَنْ يُصْلَى في النار، أَي يُلْزَم النارَ"[17]. و"أصل الصَّلْي الإيقادُ بالنار. ويقال: صَلِيَ بالنار وبكذا، أي: بُلي بها، واصْطَلَى بها، وصَلَيْتُ الشاةَ: شويتها، وهي مَصْلِيَّةٌ. قال تعالى: ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ﴾ (يس/ 64)، وقال: ﴿يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ (الأعلى/ 12)، ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ (الغاشية/ 4)، ﴿وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾ (الانشقاق/ 12)، ﴿وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ (النساء/ 10)، قرئ: ﴿سَيَصْلَوْنَ﴾، بضمّ الياء وفتحها، ﴿حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا﴾ (المجادلة/ 8)، ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ (المدثر/ 26)، ﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ (الواقعة/ 94)... وقيل: صَلَى النارَ: دخل فيها، وأَصْلَاهَا غيرَه، قال: ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ (النساء/ 30)، ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا﴾ (مريم/ 70)"[18].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى الملازمة للنار وعدم الانفكاك عنها في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا﴾. فبعد أن تقدَّم ذِكْر الوعد والوعيد، والبعث والنشور، حكى سبحانه عقيبه قول منكري البعث، وردّ عليهم بأوضح بيان وأجلى برهان، على استبعادهم للبعث والحساب، مذكّراً إيّاهم بأصل خلقهم ولم يكونوا شيئاً كائناً أو مذكوراً، فهل يعجز الله عن إعادتهم؟! ثمّ حقّق سبحانه أمر الإعادة بجمعهم وبعثهم من قبورهم جماعات جماعات، مقرّنين بأوليائهم من الشياطين، يجثون على ركبهم حول جهنّم، متخاصمين، متبرّئ بعضهم من بعض، مستخرجاً من كلّ جماعة الأعتى فالأعتى منهم، مع علمه تعالى بالذين هم أولى بشدّة العذاب منهم، وأحقّ بعظيم العقاب، وأجدر بلزوم النار[19].


5- إدّا:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾[20].

- المعنى اللغويّ:

"الهمزة والدال في المضاعف أصلان، أحدهما: عظم الشيء وشدّته وتكرّره، والآخر الندود. فأمّا الأوّل فالإدّ. وهو الأمر العظيم"[21]. "قال تعالى: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾، أي: أمراً منكراً يقع فيه جلبة"[22].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى المنكر إنكاراً عظيماً في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾, حيث أخبر الله تعالى عن اليهود والنصارى ومشركي العرب مقولتهم التي زعموا فيها اتّخاذه عزّ وجلّ ولداً، فإنّ اليهود قالوا: عزير ابن الله. وقالت النصارى: المسيح ابن الله. وقال مشركو العرب: الملائكة بنات الله. وكان الجواب من الله تعالى موجّهاً إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، بأن يقول لهم: لقد جئتم بشيء منكر عظيم شنيع فظيع[23].

--------------------------------------------------


[1] سورة الكهف، الآية 8.

[2] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص287.

[3] الأصفهانيّ، مفرددات ألفاظ القرآن، م.س، ص484.

[4] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، ص441، وانظر: ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج5، ص316.

[5] الأصفهانيّ، مفرددات ألفاظ القرآن، م.س، ص191.

[6] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص317، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج13، ص250-253.

[7] سورة الكهف، الآيتان 13-14.

[8] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص165، وانظر: ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج7، ص334.

[9] الأصفهانيّ، مفرددات ألفاظ القرآن، م.س، ص453.

[10] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص311، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج13، ص241.

[11] سورة مريم، الآية 8.

[12] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج4، ص225، وانظر: ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج15، ص27.

[13] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص546.

[14] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص405-406، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج3، 177-178، ج14، ص16-17.

[15] سورة مريم، الآية 70.

[16] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص300.

[17] ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج14، ص466.

[18] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص491.

[19] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص437-438، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج14، ص87-89.

[20] سورة مريم، الآيتان 88 ـ 89.

[21] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، ص11، وانظر: ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج3، ص71.

[22] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص69.

[23] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص453، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج14، ص111.

 
2022-11-01 | 338 قراءة