مفردات قرآنية 3

الصابئون

ورد ذكر الصابئين في موارد ثلاث في القرآن الكريم، أوّلها في الآية الثانية والستين من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

إنّ ذكر الصائبين إلى جانب المؤمنين، واليهود، والنصارى يدلّ على أنهم جماعة يدينون بدين سماوي ويؤمنون بالله تعالى واليوم الآخر.

وقد اختلف المفسرون والمؤرخون تشخيص هوية الصابئين، ووجه تسميتهم.

فالشهرستاني في (الملل والنحل) يقول: الصابئة من صبأَ أي انحرف عن طريق الأنبياء، وهؤلاء قوم انحرفوا عن طريق الحقّ ودين الأنبياء فهم (صابئة).

ويقول الفيّومي في (المصباح المنير): إنّ صبأ تعني الخروج من الدين إلى دين آخر.

وقيل في التسمية أيضاً إنّ أصلها عبري وتعني الغوص في الماء أو التعميد.

ويعود سبب اختلاف الآراء حول هذه الطائفة التي تتواجد حالياً في العراق إلى قلّة أفرادها وإصرارهم على إخفاء تعاليمهم، وامتناعهم عن الدعوة إلى دينهم، واعتقادهم أنّ دينهم خاص بهم لا عام لكل الناس، وأن نبيّهم مبعوث إليهم لا لغيرهم.

من معتقدات الصابئة أنّ أول كتاب مقدس سماوي نزل على آدم، وبعده على نوح، ثم على سام، ثم على رام، ثم على إبراهيم الخليل، ثم على موسى، وأخيرا على يحيى بن زكريا.


الصلاةُ الوسطى

قال تعالى في سورة البقرة الآية الثامنة والثلاثين بعد المئتين: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).

ذكر المفسّرون معان مختلفة للمراد من الصلاة الوسطى، فالبعض رأى أنّها صلاة الظهر، وآخر صلاة العصر، وبعضٌ صلاة المغرب، وبعض صلاة العشاء، وبعض صلاة الصبح، وبعض صلاة الجمعة، وبعض صلاة الليل أو خصوص صلاة الوتر.

وذكروا لكل واحد من هذه الأقوال أدلّة وتوجيهات مختلفة، ولكنّ القرائن المتوفرة تُثبت أنّها صلاة الظهر، لأنّها فضلاً عن كونها تقع في وسط النهار، فإنّ سبب نزول الآية يدلّ على أن المقصود بالصلاة الوسطى هو صلاة الظهر، التي كان الناس يتخلّفون عنها لحرارة الجو، فقد روي أنّ رجلين جاءا إلى الصحابي أسامة بن زيد فسألاه عن الصلاة الوسطى فقال: هي الظهر، إنّ رسول الله  صلى الله عليه وآله كان يصلي الظهر بالهجير (أي عند اشتداد الحرّ) فلا يكون ورائه إلّا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم، فأنزل الله: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين).

وهناك روايات أخرى كثيرة تصرّح بأن الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر.


الْعَاكِفُ وَالْبَادِي

وردت هاتان الصفتان في الآية الخامسة والعشرين من سورة الحج في قوله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).

العكوف: الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له، والمراد بالعاكف في الآية هو المقيم في مكة.

والبادِ أصلها البادي حُذفت منها الياء،  وهو من لم يكن ملازما مدينة ومقيما فيها، ويراد به هنا القاصد إلى مكة.

وأمّا المقصود من كون المسجد الحرام سواء للعاكف والبادي فذهب بعضهم إلى أنّ المراد هو أنّ الناس سواسية في هذا المكان الذي يوحَّد فيه الله عز وجل، وليس لأحد الحق أن يعرقل حج الناس وعبادتهم بجوار بيت الله الحرام.

ورأى آخرون معنى أوسع، وهو أنّ الناس ليسوا سواسية فقط في أداء الشعائر وإنما هم كذلك في الاستفادة من الأرض والبيوت المحيطة بالكعبة لاستراحتهم وسائر حاجاتهم الأخرى، لهذا حرّم بعض الفقهاء بيع وشراء وإيجار البيوت في مكة المكرمة.


العروة الوثقى

ورد تعبير (العروة الوثقى) في القرآن الكريم في آيتين:

الأولى هي السادسة والخمسون بعد المئة من سورة البقرة، في قوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)،

والأخرى هي الثانية والعشرون من سورة لقمان في قوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).

والعروة: ما يؤخذ به من الشيء، كعروة الدلو وعروة الاناء، والأصل اللغوي لها هو التعلّق، يقال: عراه واعتراه أي تعلق به.

والوثقى مؤنّث الأوثق، وتعني: المتينة التي لا تُفكّ ولا تنفصم.

والاستمساك بالعروة الوثقى هو الأخذ بها وإمساكها بشدّة، وهو تعبير فيه استعارة للدلالة على أنّ الايمان بالنسبة إلى السعادة بمنزلة عروة الإناء بالنسبة إلى الاناء وما فيه، فكما لا يكون الأخذ أخذاً مطمئناً حتى يقبض على العروة، كذلك السعادة الحقيقية لا يستقرّ أمرها ولا يُرجى نيلها إلّا أن يكفر الانسان بالطاغوت ويؤمن بالله تعالى.

عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: الأئمّة من ولد الحسين، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله عز وجل.

2022-11-08 | 482 قراءة