مفردات قرآنية 6

خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا

وردت هذه العبارة في القرآن الكريم ثلاث مرات أولها في الآية التاسعة والخمسين بعد المئتين من سورة البقرة في قوله عز وجل: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا..).

عروش جمع عرش، وهنا تعني السقف. وخاوية في الأصل بمعنى خالية، ولكنها هنا كناية عن الخراب والدمار، فالبيوت العامرة تكون عادة مسكونة، أما الدور الخالية فإما أن تكون قد تهدمت من قبل، أو أنها تهدمت بسبب خلوها من الساكنين، وعليه فإن قوله وهي خاوية على عروشها تعني أن دور تلك القرية كانت كلها خربة، فقد هوت سقوفها ثم انهارت الجدران عليها، وهذا هو الخراب التام إذ أن الانهدام يكون عادة بسقوط السقف أولا، وتبقى الجدران قائمة بعض الوقت، ثم تنهار فوق السقف.


دِينًا قِيَمًا

قال تعالى في الآية الحادية والستين بعد المئة من سورة الانعام: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).  

(دينا قيماً) تعني الدين المستقيم، وهو الأبدي الخالد القائم المتكفل لأمور الدين والدنيا والجسد والروح. ويأتي ذكره في الآية توضيحا لمعنى الصراط المستقيم الذي عليه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.  فحيث أنّ العرب كانوا يكنّون لإبراهيم عليه السلام محبّة خاصة، بل كانوا يصفون عقيدتهم ودينهم بأنّه دين إبراهيم، وفي الوقت نفسه يعيبون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مخالفته لعقيدتهم الوثنية نزلت الآية تقول لهم: إنّ ملة إبراهيم هي هذا الذي أدعو أنا إليه لا ما تزعمونه أنتم. فإنّ إبراهيم عليه السلام قد أعرض عن العقائد الباطلة التي كانت سائدة في عصره وبيئته، وأقبل على التوحيد حنيفاً مولّياً وجهه نحو الدين الحق والعقيدة الحقة.


رِبّيون

قال تعالى في الآية السادسة والأربعين بعد المئة من سورة آل عمران: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).

الربيون جمع رِبّي، وهو من اختصّ بربه تعالى فلم يشتغل بغيره، أي هم رجال لهم تربية خاصّة الهيّة روحانيّة، وأكثر ما تظهر حقيقة نفوسهم الطاهرة عند أهوال الحرب.

ومناسبة ذكرهم في الآية أنه بعد أن نصر اللَّه تعالى المسلمين في بدر وهم قلة ضعاف، اعتقدوا أنهم منصورون في كلّ حرب ما دام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهم . . فلمّا كانت الهزيمة يوم أُحد فوجئوا بما لا ينتظرون، فكان منهم ما كان من الفرار من ساحة المعركة وتك النبي يواجه الأعداء وحده مع قلة قليلة، فضرب اللَّه مثلا لهؤلاء المنهزمين بأتباع الأنبياء السابقين الذين صبروا على الجهاد والقتل والأسر والجراح، وتركوا الفرار ولم يولّوا مدبرين.


روحُ القُدُس

ورد تعبير (روح القدس) في القرآن الكريم مرّات عدة، ثلاث منها تقول إنّ عيسى عليه السلام أيّده الله تعالى به، ومنها ما يصرح بأنه نزل بالقرآن الكريم من عند الله عز وجل.

وللمفسرين رأيان في المقصود بـ روح القدس:

قسم قالوا إنّه جبرائيل عليه السلام، وشاهدهم على ذلك قوله تعالى: (قل نزّله روح القدس من ربك بالحق). ويكون وجه تسمية جبرائيل بروح القدس حينئذ، هو أن جبرائيل ملَك، والجانب الروحي في الملائكة أمر واضح، وإطلاق كلمة الروح عليهم متناسب مع طبيعتهم، وإضافة الروح إلى القدُس إشارة إلى طهر هذا الملَك وقداسته الفائقة.

وقسم آخر من المفسرين قال: إنّ روح القدس هو القوة الغيبية التي أيّدت عيسى عليه السلام، وبهذه القوة الخفية الإلهية كان عيسى يحيي الموتى ويأتي بسائر المعاجز.

وهذه القوة الغيبية موجودة بشكل ما في جميع المؤمنين على اختلاف درجة إيمانهم. وهي الإمداد الإلهي الذي يعين الإنسان في أداء الطاعات وتحمل الصعاب، ويقيه من السقوط في الذنوب والزلات.

2022-11-08 | 317 قراءة