مفردات قرآنية 9

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ

وردت هذه الوصية في القرآن الكريم من جملة وصايا لقمان الحكيم لولده، حيث قال له: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ).

والقصد، هو الوسط بين الافراط والتفريط، وقيل: هو الاعتدال في الشيء. والمعنى : وخذ: بالاعتدال في مشيك.

وهنا، تنطبق الآية على المعنى المشهور للمشي فيكون المراد عدم الإسراع في المشي وعدم الإبطاء فيه .. وهي تنطبق أيضا على المشي بمعنى الحركة في الحياة عموماً فيكون المراد حينئذ أخذ وسط الاعتدال في مسير الحياة، فلا يتّجه المرء لترك ملذاتها تماما ولا يكون اندفاعه لأخذ كل ما تناله يداه منها، وهكذا رعاية الاعتدال في العمل، والكلام، وفي كل أمر.

ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: (إنّ الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسّمه عليها وفرّقه فيها - إلى أن قال: وفرض على الرجلين أن لا تمشي بهما إلى شيء من معاصي الله، وفرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز وجل، فقال تعالى  (ولا تمش في الأرض مرحا)، وقال: (واقصِد في مشيك).


ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً

وردت هذه الجملة في الآية الأخيرة من سورة البقرة وهي قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

الإصرُ حبس الشيء، ويطلق على الحِمل الثقيل الذي يمنع المرء من الحركة، وكذلك على العهد المؤكّد الذي يقيّد الإنسان، كما يطلق على العقاب لما فيه من تقييد المعاقَب.

وفي هذا المقطع من الآية يطلب المؤمنون من الله تعالى طلبين: الأول أن يرفع عنهم الفروض الثقيلة التي قد تمنع الإنسان من إطاعته عز وجل..

وفي الطلب الثاني يريدون منه أن يعفيهم من الامتحانات الصعبة والعقوبات التي لا تطاق بقولهم: (ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به).


ما ذُبح على النُّصُب

ذكرت الآية الثالثة من سورة المائدة أحدَ عشر عنواناً من عناوين اللحوم التي التي يُحرم أكلها، منها (مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).

فقد كان الوثنيون في العصر الجاهلي ينصبون صخوراً حول الكعبة ليست على أشكال أو هيئات معينة، وكانوا يسمّون هذه الصخور ب‍ (النصب) حيث كانوا يذبحون قرابينهم أمامها ويمسحون الصخور تلك بدم القربان.

والفرق بين النُّصب والأصنام هو أنّ النصب ليست لها أشكال وصور بخلاف الأصنام، وقد حرّم الإسلام لحوم القرابين التي كانت تذبح على تلك النصب، فجاء حكم التحريم في الآية بقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ).

وواضح أنّ تحريم هذا النوع من اللحوم إنّما يحمل طابعاً معنوياً وليس

ماديا، وهو يُعتبر من تلك القرابين التي تدخل ضمن مدلول العبارة القرآنية: (وما أُهِلّ لغير الله به) وقد ذكِر بشكل خاصّ في الآية بسبب رواجه لدى عرب الجاهلية.


يأجوجُ ومأجوج

ذكرتْ (يأجوج ومأجوج) مرتين في القرآن الكريم:

الأوّلى في سورة الكهف الآية الرابعة والتسعين، في قوله تعالى: (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).

والثانية في سورة الأنبياء الآية السادسة والتسعين، في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ).

ويأجوج ومأجوج هما قبيلتان همجيتان، ورد ذكرهما في التوراة باسم (كودك) و(ماكوك).

ويُستفاد من مجموع ما ذكر في التاريخ أنّهم مجاميع كبيرة كانت تقطن أقصى نقطة في شمال آسيا، وهم أناس محاربون يغيرون على الأماكن القربية منهم.

جاء في تفسير الأمثل: ثمّة أدلّة تأريخية على أنّ منطقة شمال شرقي الأرض في نواحي (مغولستان) كانت في الأزمنة السابقة كثيفة السكان، إذ كانت الناس تتكاثر بسرعة، وبعد أن ازداد عددهم اتجهوا نحو الشرق أو الجنوب، وسيطروا على هذه الأراضي وسكنوا فيها تدريجيا.

وقد وردت مقاطع تأريخية مختلفة لحركة هؤلاء الأقوام وهجراتهم، وقد تمت واحدة من هذه الهجمات في القرن الرابع الميلادي، بقيادة (آتيلا) وقد قضت هذه الهجمة على حضارة الأمبراطورية الرومانية.

وكان آخر مقطع تأريخي لهجومهم في القرن الثاني عشر الميلادي بقيادة جنگيز خان، حيث هاجم شرق البلاد الإسلامية ودمّر العديد من المدن، وفي طليعتها مدينة بغداد حاضرة الخلافة العباسية.

2022-11-08 | 321 قراءة