مفردات قرآنية0 1

يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ

قال تعالى في الآية الثامنة والتسعين من سورة التوبة: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

(التربص) الانتظار، وقيل: هو المفهوم المركَّب من الصبر والانتظار توقّعاً لحدوث أمر ما. و(الدوائر) جمع دائرة، وهي التي تحيط بما في داخلها، وكان العرب يقولون للحادثة الصعبة والأليمة التي تحل بالإنسان: دائرة.

فقد كان قسم من منافقي الأعراب أو ضعيفي الإيمان منهم عندما ينفقون شيئا في سبيل الله يعتبرون ذلك ضررا وخسارة لحقت بهم، لا أنّه توفيق ونصر وتجارة رابحة.

ولأن هؤلاء ضيّقو النظر، وبخلاء وحسودون وكانوا ينتظرون أن تحيط بالنبي صلى الله عليه وآله والمسلمين المصائب والنوائب والمشاكل يقول القرآن لهم: إنّ دائرة السوء ستحلّ بكم في نهاية المطاف، والله تعالى سميع عليم، فهو تعالى يسمع كلامكم، ويعلم بنياتكم ومكنون ضمائركم.


يلقون أقلامهم

قال تعالى في الآية الرابعة والأربعين من سورة آل عمران: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ).

تشير الآية إلى جانب من قصة مريم عليها السلام، فبعد أن وضعتها أمّها لفّتها في قطعة قماش وأتت بها إلى المعبد وخاطبت علماء بني إسرائيل وأشرافهم بقولها: هذه المولودة قد نُذرت لخدمة بيت الله، فليتعهّد أحدكم بتربيتها. ولمّا كانت مريم من أسرة معروفة، هي أسرة آل عمران، أخذ علماء بني إسرائيل يتنافسون في الفوز بتعهّد تربيتها، ثم اتفقوا على إجراء القرعة بينهم، فجاؤوا إلى شاطئ نهر وأحضروا معهم أقلامهم وعصيهم التي كانوا يقترعون بها. وقد كتب كلّ واحد منهم اسمه على قلم من الأقلام – وهي السهام - وألقوها في الماء، فكلّ قلم غطس في الماء خسر صاحبه، والرابح يكون من يطفو قلمه على الماء: غطس القلم الذي كُتب عليه اسم زكريا عليه السلام، ثمّ عاد وطفا على سطحه، وبذلك أصبحت مريم في كفالته.


من يوقَ شح نفسه

ورد هذا التعبير مرتين في كتاب الله عز وجل: في الآية التاسعة من سورة الحشر، وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

وفي الآية السادسة عشرة من سورة التغابن، وهي قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

و(الشحّ) هو البخل مقترنا بالحرص، و(يوق) من الوقاية، والمعنى: أنّ كل شخص حفظه الله سبحانه من هذه الصفة الذميمة فإنه سيفلح. وقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لأحد أصحابه: أتدري ما الشح؟ فأجاب: هو البخل. قال عليه السلام: (الشح أشد من البخل، إنّ البخيل يبخل ممّا في يده، والشحيح يشحّ بما في أيدي الناس وعلى ما في يده، حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عز وجل.


يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ

ورد هذا التعبير القرآني في الآية الثانية والأربعين من سورة القلم في قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ).

قال جمع من المفسرين إنّ هذا القول كناية عن شدة الهول، والخوف، والرعب، وسوء حال الجاحدين المتكبرين يوم القيامة، إذ إنّ المتعارف بين العرب عند مواجهتهم أمراً صعباً أنهم يشدّون ثيابهم على بطونهم ممّا يؤدي إلى كشف سيقانهم.

وفي جواب ابن عباس المفسر المعروف عندما سئل عن معنى الآية قال: كلّما خفي عليكم شيء من القرآن ارجعوا إلى الشعر فإنّ الشعر ديوان العرب، ألم تسمعوا قول الشاعر: وقامت الحرب بنا على ساق، إنّ هذا القول كناية عن شدة أزمّة الحرب.

وقيل: إنّ (ساق) تعني أصل الشيء وأساسه، كساق الشجرة، وبناء على هذا فإنّ جملة (يكشف عن ساق) تعني أنّ أساس كل شيء يتّضح ويتبين في ذلك اليوم..

2022-11-08 | 332 قراءة