شهادة الإمام الباقر (ع)

لم يمت الامام أبو جعفر محمد الباقر(عليه السلام) حتف أنفه، وإنما اغتالته بالسم أيد أثيمة لا عهد لها بالله، ولا باليوم الآخر، وقد اختلف المؤرخون في الأثيم الذي أقدم على اقتراف هذه الجريمة

 

وفيما يلي بعض الأقوال:

1. إن هشام بن عبدالملك الملعون هو الذي أقدم على اغتيال الامام فدس إليه السم(1) والأرجح هو هذا القول لأن هشاما كان حقودا على آل النبي (صلى الله عليه وآله) وكانت نفسه مترعة بالبغض والكراهية لهم، وهو الذي ألجأ الشهيد العظيم زيد بن علي إلى إعلان الثورة عليه حينما استهان به، وقابله بمزيد من الجفاء والتحقير، ومن المؤكد أن الامام العظيم أبا جعفر قد قض مضجع هذا الطاغية، وذلك لذيوع فضله وانتشار علمه، وتحدث المسلمين عن مواهبه، فأقدم على اغتياله ليتخلص منه.

2. إن الذي أقدم على سم الامام هو ابراهيم بن الوليد(2) ويرى السيد ابن طاوس ان ابراهيم بن الوليد قد شرك في دم الامام (عليه السلام)(3) ومعنى ذلك إن ابراهيم لم ينفرد وحده باغتيال الامام (عليه السلام) وإنما كان مع غيره.

وأهملت بعض المصادر اسم الشخص الذي اغتال الإمام (عليه السلام) واكتفت بالقول إنه مات مسموما(4)... هذه بعض الأقوال التي قيلت في سم الامام (عليه السلام).

 

دوافع اغتيال الامام:  

أما الأسباب التي أدت الأمويين إلى اغتيالهم للامام (عليه السلام) فهي ـ فيما نحسب ـ كما يلي:

 

1 ـ سمو شخصية الامام:  

لقد كان الامام أبو جعفر (عليه السلام) أسمى شخصية في العالم الإسلامي فقد أجمع المسلمون على تعظيمه، والاعتراف له بالفضل، وكان مقصد العلماء من جميع البلاد الاسلامية للانتهال من نمير علومه وفضله التي هي امتداد ذاتي لعلوم جده رسول الله (صلى الله عليه وآله).

لقد ملك الإمام (عليه السلام) عواطف الناس واستأثر بإكبارهم، وتقديرهم لأنه العلم البارز في الأسرة النبوية، وقد أثارت منزلته الاجتماعية غيظ الأمويين وحقدهم فأجمعوا على اغتياله للتخلص منه.

 

2 ـ أحداث دمشق:  

من الأسباب التي أدت بالأمويين إلى اغتياله (عليه السلام) هي الأحداث التي جرت للامام حينما كان في دمشق وهي:

 

أ ـ تفوق الامام في الرمي على بني أمية وغيرهم حينما دعاه هشام الى الرمي ظانا أنه سوف يفشل في الرمي، فلا يصيب الهدف فيتخذ ذلك وسيلة للحط من شأنه والسخرية به أمام أهل الشام، ولما رمى الامام، وأصاب الهدف عدة مرات بصورة مذهلة لم يعهد لها نظير في علميات الرمي في العالم، فذهل الطاغية هشام، وأخذ يتميز غيظا، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وصمّم منذ ذلك الوقت على اغتياله.

 

ب ـ مناظرته مع هشام في شؤون الامامة، وتفوق الامام عليه حتى بان عليه العجز وقد أدت إلى حقده عليه.

 

ج ـ مناظرته مع عالم النصارى، وتغلبه عليه حتى اعترف بالعجز عن مجاراته، وقد أصبحت الحديث الشاغل لجماهير أهل الشام.
 

 


حياة الإمام الباقر (عليه السلام)، سماحة الشيخ باقر شريف القرشي

(1) بحار الانوار وغيره.
(2) أخبار الدول، ص 111.
(3) بحار الأنوار.
(4) نور الأبصار، ص 131، الأئمة الاثنى عشر لابن طولون، ص 28.

2024-05-14 | 188 قراءة